ج27: قصة النبي أيوب عليه السلام - كيف يمكن أن نتصور قصة أيوب عليه السلام من خلال نصوص القرآن والحديث الصحيح - ما الحكمة من قصة أيوب عليه السلام - ختام رسالة قصة أيوب عليه السلام.

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة قصص من كتب التفاسير

قصة النبي أيوب عليه السلام

بين الحقيقة القرآنية وخرافات في بعض الكتب التفسيرية

- مع كشف العيوب في روايات قيلت عن النبي أيوب -

- ومقارنة بين أيوب القرآن وأيوب التوراة -

- مع توضيح حقيقة (مسني الشيطان بنصب وعذاب)-

(الفصل السابع والعشرون - ختام الرسالة)

#- فهرس:

:: الفصل السابع والعشرون :: عن قصة أيوب عليه السلام .. ج3/ ختام قصة أيوب – رؤية في فهم قصة أيوب من خلال نصوص القرآن – الحكمة من القصة – ختام الرسالة ::

1- س56: كيف يمكن أن نتصور قصة أيوب عليه السلام من خلال نصوص القرآن والحديث الصحيح  ؟

2- س57: ما الحكمة من قصة أيوب عليه السلام ؟

3- ختام رسالة قصة أيوب عليه السلام.

******************

:: الفصل السابع والعشرون ::

===============

 

..:: س56: كيف يمكن أن نتصور قصة أيوب عليه السلام من خلال نصوص القرآن والحديث الصحيح ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- في ختام بحثنا في قصة أيوب .. أحببت أن أوضح وجهة نظري في قصة أيوب عليه السلام بكيفية رؤيتها بعد هذا البحث .. والله ولي التوفيق.

 

#- أولا: قصة أيوب حسب سياق القرآن " كما فهمتها"..

1- ربي قد مسني الضر في جسدي ومسني الشيطان بوسوسته بسبب ما نزل بي من الضر .. إذ أن الشيطان أخذ يؤثر فيمن حولي بما أصابني من غم النفس وتعب الجسد وآلامه .. فأخذ يوسوس لأصحابي وأحبائي ومجتمعي بفتنة تسير فيهم بأنني لو كنت نبيا ما كان حدث معي ما حدث وما كان الله ليتركني على ما أنا عليه .. وأن ما حدث بي إنما هو نتيجة أنني عصيتك .. وألقى في نفوسهم أن بي من مرض هو فيه عدوى لهم توهما منهم لذلك فهجروني .. وقد هجرني القريب والبعيد .. وأخاف قلة التوفيق في إيصال دعوتك إلى الناس بسبب ما أصابني وما ظنه بي الناس بسبب هذا الضُّر الذي نزل بي .. وهذا حالي قد عرضته عليك وأنت أرحم الراحمين.

 

2- فاستجاب له ربه وأرشده لكيفية علاجه فقال له: اضرب برجلك الأرض حتى نبعت عينا فيها ماء بارد .. منه يغتسل على ظاهر جسده فيمحو أي ضر على ظاهر جسده .. ومن هذا الماء البارد يشرب فيمحو به أي ضر في باطنه .. فلما فعل ذلك .. كشف الله عنه الضر.

 

3- ثم كان من كرامة الله لأيوب وهو يتشافى جسده بالماء .. أن آتاه رزقا من ذهب وهو يغتسل .. فأرسل إليه ذهبا متساقطا عليه كالجراد في كثرته حين هبوطه على الأرض .. (أو لعل الذهب كان في صورة جراد فعلا) .. فلما رأى أيوب ذلك ارتدي جلبابه وأخذ يجمع هذا الذهب .. فناداه ربه وقال له ربه ألم أغنك يا أيوب ؟ فقال له أيوب: بلى .. ولكن لا غنى لي عن فضلك يا رب ..

- ملحوظة: (لا نعلم هل المقصد بالغنى هنا هو غناه بربه في قلبه .. فزاده الله غنى بالمال أيضا .. أم كان المقصد بأن الله أغناه أنه كان لديه مال .. فبارك له في هذا المال) .. الله أعلم.

 

4- وفوق مطلب أيوب بالشفا وزيادته بالمال من فضله .. أن آتاه ربه من عنده رحمة أخرى بخلاف الشفاء فوهب له رحمة منه أهله بأن جمع شمله بهم .. بل ووهب له مثلهم في العدد .

- ملحوظة: (لا نعلم المقصد بالأهل في الآية .. فقد يكون له أهل بيت هجروه من الأولاد والزوجة أو الأولاد فقط فعادوا إليه ورزقه الله غيرهم من زوجة أخرى .. أو المقصد بالأهل هم الأتباع عادوا إليه وضاعفهم له ..، أو المقصد كلام من اهل بيته والأتباع معا) والله أعلم.

 

4- ثم أكرم الله أيوب بمزيد فضل عليه .. في حال كونه كان قد أقسم يمينا بأنه سيقوم بضرب أحد ما وذلك حينما يسترد صحته وعافيته (ولم يذكر أنه كان سيضربه ضربا موجعا أو بسيطا أو بعدد معين) .. فجعل الله لأيوب من لفظ "ضربه" لمن قصده .. أن يكون بطريقة خفيفة جدا فيها رحمة لمن قصده بالضرب .. وذلك حتى يبر بقسمه ولا يحزن من ضرب من كان سيضربه ..

- ملحوظة: (من الواضح أن من كان سيضربه أيوب هو كان شخص عزيز .. وأن أيوب كان متألم نفسيا من مسألة ضربه التي كان توعده بها لو شفاه الله .. ولذلك ربنا رضاه فيه وجعله يبر في قسمه حتى لا يعصي ربه وفي نفس الوقت لا يحزن على من كان سيضربه).

 

5- وما ذكره الله في قصة أيوب من ابتلاء ومناجاة وعطاء .. إنما فيه تذكرة للعابدين الذين يعملون في خدمة الله ويرجون رحمته .. أنه لا يوجد أحد فوق الإبتلاء مهما بلغ من عبادته ومكانته عند ربه .. وأن عبوديتك لربك تستوجب عليك أن تكون أواب لربك .. وأن تعلم يقينا أن رحمة الله قريبة من المحسنين وقت ابتلاءه .. فكن ملتزما بآداب عبوديتك من الصبر والأوبة لربك ولا تقنط ولا تيأس .. واعلم أن كل ابتلاء وله نهاية في وقت يعلمه الله ..

 

6- بل ما ذكره الله من قصة أيوب من ابتلاء ومناجاة وعطاء .. إنما هو أيضا تذكرة لأصحاب العقول النيرة .. في أن تنتبه وتفهم أن قصة أيوب أعلى من أن تكون مجرد أسباب يحكمها قانون السببية (إذا حدث سيحدث) .. لا .. ليس تدبيرها بقانون أسباب .. وإنما هي قصة فيها ابتلاء فوق قانون الأسباب (قهر بمرض مجهول علاجه) .. وفيها مناجاة صادقة لا يقهرها أي قانون أسباب .. وفيها عطاء تنزلات برحمات تمحو قهر المرض بنعيم الصحة بل ومصحوبة بما لم يكن يخطر بالبال من كرامات .. فأبصروا ما قيل لكم حتى يكن التعلق دائما بالوهاب .. ولا تتعلقوا بقانون الأسباب مهما أخذتهم به لغلبة ميل عقولكم إليه دائما .. لأن في قانون الأسباب يوجد المستحيل .. ولكن في قدرة الوهاب لا يوجد مستحيل .. وشفاء أيوب بالأسباب إنما كان من عطاء الوهاب بأن أوجد له أسباب خاصة ما كان يعلمها أهل زمانه.

- والله أعلم.

 

#- ثانيا: لو أردنا جمع ذلك بالآيات في قصة أيوب "حسب ما أفهمها" .. فيمكن ذلك بالآتي:

- أي المقصد هكذا - والله أعلم-: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) لحكمة هي منك تعلمها و(مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) وأصابني الشيطان في نفسي ومجتمعي بوسواس بسبب ما مسني من الضر الذي تمكن مني بالغم النفسي والألم الجسدي (وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) فأجابه الله معلنا ذلك: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ) وقال له (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ) وأظهر الله كرامته عليه فقال: (فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ) ) كما طلب من ربه بل وزاده فضلا فقال الله: (وآتيناه) وهذا الإيتاء إنما هو محض من فضل الوهب منا عليه وذلك قال الله (وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا) موهوبة له حيث لا يملك هذه الرحمة غيرنا وحقيقة هذه الرحمة أنها (رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا) تنزلنا بها عليه كعطاء خصوصية له من خزائن رحمتنا الخاصة .. ومما أنعمنا به عليه ليبر قسمه الذي أقسمه أن قلنا له (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ) وإنما فعلنا ما فعلناه مع أيوب من لطائف وخصوصية رحمتنا كان لها حكمة وهي (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) فقام بحق العبودية من الصبر ودوام الأوبة .. وذلك كان من قصة أيوب (ذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) ليعلموا أن عبادتهم ليست سببا لمنع نزول الإبتلاء بهم إن كان هذا سبب عبادتهم بل هي من المفترض في حال الصدق سببا للإرتقاء بهم وتثبيتا لهم وقت الإبتلاء بل ونجاة لهم بفضل من الله كلما استقاموا في عبوديتهم لربهم (وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ) حتى لا يخوضوا أحداث الحياة دائما لقانون الأسباب وليعلموا أن الفضل والرحمة بيد الله ولا مستحيل في قدرة الله.

 

- أو يكون المقصد هكذا - والله أعلم-: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) بوسواس في نفسي ومجتمعي بسبب ما به (مَسَّنِيَ الضُّرُّ) الذي أحاطني (بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) بغم النفس وألم الجسد ولذلك أتوسل إليك: (وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) فأجابه الله معلنا ذلك: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ) وقال له (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ) ... إلى آخر ما ذكرته سابقا .. 

- والله أعلم .

 

************************

 

..:: س57: ما الحكمة من قصة أيوب عليه السلام ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- حكمة أي ابتلاء .. ليكون ذلك مرآة لأنفسنا ليكشف الله حالنا وقت الإبتلاء .. هل أنت ساخطا منكرا على الله وتشكوه للخلق معترضا على فعله بك .. أم صابرا أواب بالرجوع إلى الله تقول: "ماض فيَّ حكمك – عدل فيَّ قضاؤك – ولا حول ولا قوة إلا بك .. وأنت أرحم الراحمين".

 

#- أما عن حكمة ابتلاء أيوب .. فلها حكمة للعابدين ولأصحاب العقول البصيرة:

1- أما للعابدين .. فهي حتى يعلم العابدين أن الضر محل ابتلاء جميع البشر دون أي خصوصية لأحد .. وإنما صدق العبودية يظهر وقت الإبتلاء .. لأن كل ابتلاء في الوجود يكشف معه حقائق نفوس الناس .. فمن يزعم الإيمان ينكشف صدق إيمانه وقت الإبتلاء.

 

2- أما أصحاب العقول البصيرة .. فحكمة أيوب تظهر لهم بأن لا ينفعلوا مع قانون الأسباب .. وليعلموا أن المستحيل في حكم القدير لا وجود له .. فمن تعلق بالوهاب فلا يلتفت للمستحيل .. لأن المستحيل محكوم بأسباب .. ولكن من تعلق بالوهاب فلا أسباب تحكمه لأنه هو من يخلق الأسباب ويحكمها .. وسبحان من هو وهاب بلا أسباب.

 

#- وبهذا يكون ختام قصة أيوب عليه السلام .. وقد جمعت فيها ما لم أظن أن قد جمعه أحد من قبل .. من مسائل ولطائف وإشكاليات وخرافات قيلت في هذه القصة.

 

- وبهذا يكون آخر كلامي في تلك الرسالة .. وأرجو من الله أن أكون قد وفقت فيها .. والحمد لله رب العالمين.         

 

***********************

 

:: ختام " رسالة قصة أيوب عليه السلام وما يدور حولها من أخبار وخرافات ومسائل علمية " ::

 

- الحمد لله رب العالمين .. على ما أمدني به من العزيمة والقوة والعقل في الرد على ما سخرني فيه وأعانني عليه بمدد منه .. وأسأله القبول .. وأسأله الرضا عني وأن يغفر لي ويرحمني ويعفو عني .. وأن يرزقني القلب السليم ودوام معيته حتى يقبضني إليه وهو راض عني .. فاللهم أرزقني القلب السليم ودوام معيتك يا رب العالمين يا أرحم الراحمين.

 

- اللهم اغفر لوالداي وارحمهما واعفو عنهما واجعلهما نورا .. واغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات ..  في كل زمان ومكان .. آمين يا رب العالمين . 

 

اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

اللهم عفوك ورضاك

وأسألك القبول

ولا حول ولا قوة إلا بالله

 

- وبهذا يكون ختام "رسالة قصة أيوب عليه السلام وما حولها من أخبار وخرافات ومسائل علمية" بتاريخ 19/مارس/2025 .. وقد تم بداية رفعها على مدونة الروحانيات في الإسلام بتاريخ 13/فبراير/2025 .. والحمد لله على ما أكرمني به من كتابة .. ولا حول ولا قوة إلا بالله ..

****************************

- ( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ . وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ .  وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) الصافات 180-182 ..

- سبحان الله وبحمده – سبحانك اللهم وبحمدك – أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .. والحمد لله رب العالمين .

- اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وأبلغه مني السلام .. السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.

وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته .. والحمد لله رب العالمين

اللهم كما أعنتني .. فتقبل مني يا أرحم الراحمين

آمين يا رب العالمين 

 

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .