ج14: قصة النبي أيوب عليه السلام - ماذا نفهم من وصف الله تعالى لأيوب بقوله (عبدنا أيوب) - كيف نفهم نداء أيوب في قوله (وأيوب إذ نادى ربه) والنداء يكون للبعيد والله أقرب من حبل الوريد ويعلم ما في الصدور - ما الذي يدل عليه قول أيوب: (أني مسني الضر) - هل دعاء أو نداء أيوب لربه كان خفيا كدعاء زكريا أم جهرا.

  بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة قصص من كتب التفاسير

قصة النبي أيوب عليه السلام

بين الحقيقة القرآنية وخرافات في بعض الكتب التفسيرية

- مع كشف العيوب في روايات قيلت عن النبي أيوب -

- ومقارنة بين أيوب القرآن وأيوب التوراة -

- مع توضيح حقيقة (مسني الشيطان بنصب وعذاب)-

(الفصل الرابع عشر)

#- فهرس:

:: الفصل الرابع عشر :: عن قصة أيوب عليه السلام .. ج1/ عن مسائل وإشارات في آيات قصة أيوب عليه السلام في القرآن ::

1- س23: ماذا نفهم من وصف الله تعالى لأيوب بقوله (عَبْدَنَا أَيُّوبَ) ؟

2- س24: كيف نفهم نداء أيوب في قوله (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ) والنداء يكون للبعيد والله أقرب من حبل الوريد ويعلم ما في الصدور ؟

3-س25: هل دعاء أو نداء أيوب لربه كان خفيا كدعاء زكريا أم جهرا ؟

4- س26: ما الذي يدل عليه قول أيوب: (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) ؟

*******************

:: الفصل الرابع عشر ::

================= 

..:: س23: ماذا نفهم من وصف الله تعالى لأيوب بقوله (عَبْدَنَا أَيُّوبَ) ؟ ::..

 

- قال تعالى: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) ص:41.

 

#- قال الإمام إبراهيم بن عمر البقاعي رحمه الله  (المتوفى: 885هـ):

- (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا): أي الذي هو أهل للإضافة إلى عظيم جنابنا. (نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ج16 ص388).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- حينما قال تعالى: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ) ص:41.

- فكان قوله: (عبدنا) .. للدلالة على تحققه بالعبودية الصادقة في حق مولاه .. وأنه من أهل الخصوصية والمَعيَّة ..

 

- وحينما تقرأ هذا اللفظ (عبدنا) فكأنك تشعر بأن الله يتفاخر به في العالمين .. وكأنه يقول انظروا لأيوب .. فهذا هو من جملة المستحقين لوصف العبودية الخالصة لنا .. 

– والله أعلم.

************************

 

..:: س24: كيف نفهم نداء أيوب في قوله (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ) والنداء يكون للبعيد والله أقرب من حبل الوريد ويعلم ما في الصدور ؟ ::..

#- قال الإمام الشعراوي رحمه الله (المتوفى: 1418هـ) عند قوله تعالى: (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا . إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا):

- النداء لَوْن من ألوان الأساليب الكلامية .. والبلاغيون يقسمون الكلام إلى:

- خبر: وهو أن تخبر عن شيء بكلام يحتمل الصدق أو الكذب.

- وإنشاء: وهو أنْ تطلب بكلامك شيئاً، والإنشاء قَوْلٌ لا يحتمل الصدق أو الكذب.

- والنداء من الإنشاء .. لأنك تريد أن تنشيء شيئاً من عندك.

- فلو قُلْت: يا محمد فأنت تريد أن تنشئ إقبالاً عليك، فالنداء إذن طلبُ الإقبال عليك.

- لكن هل يصح أن يكون النداء من الله تعالى بهذا المعنى ؟

- إنك لا تنادى إلا البعيد عنك الذي تريد أن تستدنيه منك..، فكيف تنادى ربك تبارك وتعالى وهو أقرب إليك من حبل الوريد ؟ وكيف تناديه سبحانه وهو يسمعك حتى قبل أن تتكلم ؟ فإذا كان إقباله عليك موجوداً في كل وقت، فما الغرض من النداء هنا؟

- نقول: الغرض من النداء: الدعاء. (تفسير الشعراوي ج15 ص9022).

 

#- وقال الشيخ الشعراوي في قوله (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ):

- (نَاديَ) : قلنا النداء لمثلك طلب إقبال .. أما بالنسبة لله تعالى فهو بمعنى الدعاء .. فمعنى (إِذْ نادى رَبَّهُ ... ) الأنبياء:83 .. أي: دعاه وناداه بمطلوب .. هو: (أَنِّي مَسَّنِيَ الضر وَأَنتَ أَرْحَمُ الراحمين ... ) الأنبياء:83 ..

- والضُّر: ابتلاء من الله في جسده بمرض أو غيره.

- أما الضرَّ بفتح الضاد: فهو إيذاء وابتلاء في أي شيء آخر غير الجسد .. ولا مانع أن يمرض الأنبياء لكن بمرض غير مُنفِّر. (تفسير الشعراوي ج15 ص9616).

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- (عن رأي خاص بي) .. بالرغم من أن المناداة تكون للبعيد .. إلا أن أسلوب النداء للرب إنما هو لون من الأدب .. لبيان تعظيم الرب في نفس المنادي لبيان علو شأن وتعظيم من يناديه إذ ان الرب هو الاعلى مكانة والعبد هو الأدنى مكانة .. فكان النداء ب (يا) للدلالة على علو مكانة الرب وعظيم شأنه وليس لأن الرب بعيد ..!!

 

- ومثال ذلك: من يمدح ملكا أمامه فيقول له يا صاحب المقام العالي والكرم .. فليس لأنه الملك بعيدا عنه وإنما لأنه يراه مستحق لهذا الوصف فناداه بوصفه العالي.

 

#- إذن: مناداة الأنبياء والمؤمنين لربهم هي ليست مناداة لكون الرب بعيد .. وإنما مناداة لعلو مكانة وعظيم شأن المنادى عليه وهو الرب وليس مناداة لبعد مكانه ..

- هذا رأيي والله أعلم.

 

*************************

 

..:: س25: هل دعاء أو نداء أيوب لربه كان خفيا كدعاء زكريا أم جهرا ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- لم يظهر لنا الله في قصة أيوب كيف كان حال نداءه أو دعاءه لربه .. ولكن الظاهر - حسب ما أظن - أنه كان عن جهر بصوت مسموع نتيجة الألم والتوجع .. كما قال تعالى في حال نزول الضر: (إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ) النحل:53 ..، والجؤار هو الصراخ أو تعلية الصوت بتضرع مصحوب بإنكسار وخشوع .. ولو كان النداء لربه سرا أو في قلبه لكان أوضح لنا ذلك الله تعالى كما أوضحه في نداء زكريا عليه السلام إليه إذ قال تعالى: (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا) مريم:2-3 ..

- والله أعلم .

 

***********************

 

..:: س26: ما الذي يدل عليه قول أيوب: (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) ؟ ::..

 

- قال تعالى: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) الأنبياء:83.

 

#- قال الإمام أبو حيان الاندلسي رحمه الله (المتوفى: 745هـ):

- وصف الله تعالى نبيه بالصبر. وقد قال: (مَسَّنِيَ الضُّرُّ) .. فدل على أن الشكوى إلى الله تعالى لا تنافي الوصف بالصبر.

- وقد قال يعقوب: (أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) يوسف:86.

- على أن أيوب عليه السلام .. طلب الشفاء خيفة على قومه أن يوسوس إليهم الشيطان أنه لو كان نبيا لم يُبتَل .. وتألُّفَا لقومه على الطاعة. (البحر المحيط ج9 ص163).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- دلت الآية .. على إمكانية حدوث المرض وقد يكون مؤلم جدا لأي أحد مهما كان مقامه عند ربه .. لأن هذا من جملة اختبار الله للعباد .. وبقدر الألم والصبر عليه .. بقدر ما يكون المقام عند رب العالمين.

- والله أعلم.

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .