بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة قصص من كتب التفاسير
رسالة
الرأي الأولى في تفسير قوله تعالى (عبس وتولى)
وبيان حقيقة قصة النبي مع الصحابي ابن مكتوم
(الفصل السابع)
#- فهرس:
:: الفصل السابع :: عن مسائل تتعلق
عن لماذا لم يأت ذكر النبي في آيات سورة عبس – ولماذا لم يقل الله للنبي "عبست
وتوليت" ::
1- س18: هل العتاب في قوله (عبس وتولى) لا علاقة له بالنبي لأنه ليس فيها لفظ (النبي) كما ظهر هذا اللفظ في آيات العتاب الأخرى ؟
2- س19: لماذا لم يعاتب الله سيدنا
محمد في سورة عبس بقوله "يا أيها النبي" أو "يا أيها الرسول" ؟
3- س20: هل آية (عبس وتولى) لا علاقة لها بالنبي بدليل قيلت بصيغة الغائب وآيات
العتاب كلها أتت بصيغة المخاطب ؟
4- س21: لماذا قال
القرآن عن النبي (عبس وتولى) ولم يقل "عبست وتوليت" ؟
#- أولا: ما هو أسلوب الإلتفات ؟
#- ثانيا: أقوال بعض العلماء في سبب بداية الكلام
بأسلوب الغائب في أول آيات سورة عبس.
#- ثالثا: من أقوال العلماء في سبب المجيء بضمائر الغيبة ثم الإلتفات بالخطاب في أول سورة عبس.
*****************
:: الفصل السابع
::
*****************
..:: س18: هل العتاب في قوله (عبس وتولى) لا علاقة له بالنبي لأنه ليس
فيها لفظ (النبي) كما ظهر هذا اللفظ في آيات العتاب
الأخرى ؟!! ::..
- على الإنترنت سؤال يقول: إذا كان في كل آيات العتاب في القرآن قد أتت مصحوبة بوصف "النبي"
.. فلماذا في سورة عبس لا يوجد وصف بكونه نبي .. إلا لو كان هذا دليلا على
أن قوله (عبس وتولى) ليس المقصود منها النبي ؟!!
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- هذا سؤال يدل على عدم أمانة من يتكلم في
القرآن .. ليه ؟
- لأنه يقال: كيف تقول أن كل آيات العتاب أتى فيها لفظ (النبي) ؟
- بقى ده كلام محترم ؟
- أكيد كلام غير محترم .. لأنه كلام مغلوط .. لأن بعض الآيات أتى فيها
العتاب ولم يكن مذكور فيه لفظ (النبي) .. وذلك مثل
قوله تعالى (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ
لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ) التوبة:43.
- فالظن .. بأن آيات العتاب كلها أتت مصحوبة بلفظ
"النبي" .. أو أنه لابد أن تكون مصحوبة بلفظ (النبي) .. فهذا كلام مغلوط.
- إذن: ما الغرابة حينئذ حينما تأتي سورة عبس بدون ذكر لفظ
(النبي) ؟!!
- ثم ما الجرأة التي يجزم بها البعض .. أنه باختفاء لفظ (النبي) من آيات سورة عبس ..
فيكون الكلام لا علاقة له بالنبي ؟!!
- عجبا .. لمن يأتون بتفاسير على هواهم فيها جرأة على كلام الله
..!!
#- ملحوظة: آيات قليلة جدا هي ما جاء فيها العتاب بصورة
مباشرة .. وقلما ظهر وصف (النبي) في تلك الآيات .. كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا
النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ
لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) التحريم:1..
*************************
..:: س19: لماذا لم يعاتب الله سيدنا
محمد في سورة عبس بقوله "يا أيها النبي" أو "يا أيها الرسول" ؟ ::..
- بعض الأفاضل سأل فقال: لماذا لم يعاتب الله سيدنا محمد في سورة عبس
بقوله "يا أيها النبي" أو "يا أيها الرسول" ؟
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- ولماذا يعاتبه بوصف الرسول .. إذا كان لا عتاب بكونه رسول .. لأن النبي لا
يخطيء من حيث كونه رسولا معصوم بالوحي ..؟!!
2- ولماذا يعاتبه بوصفه نبي .. إذا كان
أشار إلى أن النبي لم يوفق في اجتهاده .. حينما خاطبه فقال له: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) عبس:3 ..؟
- فعلمنا أن عتابه للنبي من حيث كونه نبي اجتهد
بقدراته البشرية ففعل خلاف الأصوب .. ولم ينطق عن الوحي وإلا ما كان له عتاب أصلا ..!!
- والخلاصة: هو أن يوجد من آيات العتاب ما لم يكن فيه وصف
النبي أو الرسول كقوله تعالى: (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ
لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ)
التوبة:43..، فلماذا لم يسأل البعض
هنا أين وصف النبي أو الرسول في الآية ؟
- أم أن الكلام في سورة عبس فيه
اتباع للهوى ؟!!
*************************
..:: س20: هل آية (عبس وتولى) لا علاقة لها بالنبي بدليل
قيلت بصيغة الغائب وآيات العتاب كلها أتت بصيغة المخاطب ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- أولا: لا أدرى من أين أتى صاحب هذا السؤال بسؤاله .. ولكن سؤاله خطأ .. ليه ؟
#- لأن الزعم بأن كل آيات العتاب .. كانت بصيغة المخاطب وليس بصيغة الغائب..، هو مجرد
تصور خطأ .. إذ كيف ذلك والله يقول: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ
أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ
الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) الأنفال:67
..، والآية ليست بصورة الخطاب المباشر للنبي .. ؟!!
- بالرغم من أن المراد بالنبي في قوله (ما كانَ لِنَبِيٍّ): هو النبي صلى الله عليه وسلم
.. وجاء القرآن بلفظ (نبى) نكرة بدون (ال) وذلك تلطفا مع النبي صلى الله عليه وسلم
حتى لا يكون عتاب بصورة مباشرة وإلتماسا له بالعذر بأنه اختار خلاف الأولى ..،
وقوله (تريدون عرض الدنيا) عتاب يتعلق ببعض صحابة النبي
الذين أخذوا الفدية ..
- ومعنى (يثخن): أي يشد في العقوبة إذلالا لهم
ليقهرهم أو بمعنى يقتلهم.
- والله أعلم.
**********************
..:: س21: لماذا قال القرآن عن النبي (عبس وتولى) ولم يقل "عبست وتوليت"
؟ ::..
- يظن البعض أن النبي لو كان هو المقصود .. من قوله تعالى: (عبس
وتولى) لكانت قيلت هكذا "عبست وتوليت" .. أي أتت بأسلوب المخاطب
..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- ما هي الإشكالية .. في أن يبدأ القرآن بأسلوب الغائب تلطفا مع
النبي صلى الله عليه وسلم .. ثم ينتقل لأسلوب المخاطب معاتبا له على فعله خلاف
الأولى .. ؟!!
- من غرائب البعض .. أن يعترض على وجود انتقال لفظي من الغائب
للمخاطب في سورة عبس .. ويظن أن أول آية في سورة عبس ليس المقصود منها النبي .. وكأن
هذا أسلوب ليس من أساليب القرآن .. وهو أسلوب الإلتفات
..!!
- تعالوا نعرف إيه حكاية أسلوب الإلتفات ..
#- أولا: ما هو
أسلوب الإلتفات ؟
#- قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن حَبَنَّكَة رحمه الله (المتوفى: 1425هـ):
1- الالتفات: هو في اللّغة تحويل الوجه عن أصل
وضعه الطبيعيّ إلى وضْعٍ آخر.
وفي اصطلاح البلاغيين هو التحويل في التعبير
الكلاميّ من اتجاه إلى آخر من جهات أو طرق الكلام الثلاث: "التكلّم - والخطاب
- والغيبة" مع أنّ الظاهر في متابعة الكلام يقتضي الاستمرار على ملازمة
التعبير وفق الطريقة المختارة أوّلاً دون التحوّل عنها. (راجع البلاغة العربية ج1 ص479).
2- ومنه حديث الله عزّ وجلَّ عن نفسه .. بأسلوب الحديث عن الغائب في القرآن المجيد:
مثل قول الله عزّ وجلَّ في سورة (البقرة): (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي
الأرض خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ
الدمآء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إني أَعْلَمُ مَا
لاَ تَعْلَمُونَ) البقرة:30.
- ومنه خطاب الله رسوله بقوله: (عَبَسَ وتولى . أَن جَآءَهُ
الأعمى) عبس:1-2 .
- وكان مقتضى الظاهر أن يقول: "وإذْ قُلتُ لِلْمِلاَئِكَة ... "
- وأن يقول لرسولِهِ: "عَبَسْتَ وتولَّيْتَ أن
جَاءَكَ الأعمى".
3- ويلقب الالتفات: بشجاعة العربية .. على معنى أن
البلغاء من ناطقي العربية .. كانت لديهم شجاعة أدبية بيانية استطاعوا بها أن
يفاجئوا المتلقي بالتنقل بين طرق الكلام الثلاثة "التكلم - والخطاب -
والغيبة" مشيرين بذلك إلى أغراض بلاغية يريدون التنبيه عليها بذلك.
4- والالتفات: من الأساليب البلاغية ذات
اللطائف النفيسة، وقد تكرر في القرآن المجيد استخدامه جدا، وله فيه أمثلة كثيرة.
5- وهو فن بديع من فنون القول .. يشبهه تحريك آلات التصوير
السينمائي بنقلها من مشهد إلى مشهد آخر في المختلفات والمتباعدات التي يراد عرض
صور منها، ومفاجأة المشاهد بلقطات منها متباعدات، ولكنها تدخل في الإطار الكلي
الذي يراد عرض طائفة من مشاهده تدل على ما يقصد الإعلام به.
6- ويهدي الذوق الأدبي السليم .. إلى استخدام الالتفات استخداما
بارعا يحقق به البليغ فوائد في نفس المتلقي أو فكره، مع ما يحقق به من الاقتصاد
والإيجاز في العبارة. (راجع البلاغة
العربية ج1 ص479 –
مع بعض التصرف مني في ترقيم الفقرات من "1-6" للتسهيل على القاريء في
استيعاب كلام الكاتب).
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- بعد ما سبق من بيان عن أسلوب الإلتفات
.. فالذي يعترض على أسلوب الإلتفات من الغيبة للمخاطبة في سورة عبس .. فهذا
أمر غريب جدا .. ليه ؟
- لأنه في كل صلاة من الصلوات الخمسة يستخدم أسلوب
الإلتفات في كل ركعة .. فلماذا لم يستغرب ويعترض ويقول كنا نكلم إله بصيغة
الغائب .. ثم كلمنا إله آخر بصورة المخاطب ..؟!!
- فمن أول آية في سورة الفاتحة وحتى قوله (مالك
يوم الدين) أسلوب غيبة .. ثم بعد ذلك ينتقل لأسلوب المخاطب فيقول: (إياك نعبد وإياك نستعين) إلى آخر السورة .. والغرض من
الغيبة أولا لما كان من العبد إظهار العبودية لله من خلال الإعتراف له بكونه مالك
الملك القدير جل شأنه .. فكأنه لما اعترف العبد لمولاه بما هو مستحق له .. فترتب
على ذلك الإعتراف أن جذبك الله لحضرة معيته لتخاطبه بلذيذ الخطاب وتدعوه بما تريد ..
والله أعلم.
2- والمفيد من كل ما سبق أن أسلوب
الإلتفات .. هو أسلوب بلاغي من أساليب القرآن
التي يستخدمها كثيرا .. وهو فن من فنون الإبداع البلاغي في الإنتقال لأسلوب الكلام
من أسلوب لآخر .. بين الألفاظ ما بين متكلم وحاضر وغائب .. وبين الأفعال من ماضي وحاضر
ومستقبل ..... وأحيانا يحدث انتقال عددي بين حديث عن المثني وفجأة ينتقل في لفظ تالي
في نفس الآية ليكون جمع .. مثل (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) والأصل أن يقال "اقتتلتا" ..، وكذلك
ينتقل من الجمع للمفرد كما في قوله (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ
إِمَامًا) ومن المفترض ان يقال "اجعلنا أئمة للمتقين" ..
3- والغرض من هذا الأسلوب .. هو يقظة العقل ليقف وينتبه
ويقول: مهلا فإن سياق أو أسلوب الكلام قد اختلف فجأة .. فلماذا ؟!! وهنا تبدأ
مرحلة التدبر والتفكر ..
4- فمسألة الإلتفات في القرآن .. تحتاج للإنتباه والتفكر
والتدبر: لأننا لا نتكلم عن شاعر ونعرف تحديدا هو ما يتكلم عنه .. لا .. لأن القرآن
يكثر فيه الإلتفات للألفاظ أي انتقال للأزمنة والضمائر والأعداد بصورة سريعة وفي آيات
متلاحقة
.
- إذن: الإلتفات هو
فن بديع من فنون البلاغة القرآنية .. الغرض منه إيقاظ همة العقل في التوقف والتدبر
لمعرفة المقصود .. لأن سياق الكلام في ظاهره العقل سيقول: ماذا حدث لأسلوب الكلام فجاة
.. فكنا نقرأ بأسلوب مثلا الغيبة وفجاة انتقل الكلام لأسلوب المخاطب .. لماذا ؟!!
"وهنا يبدأ التشويق ف معرفة السر وراء ذلك.
5- وكأن القرآن ينقلك في مشاهد
سريعة في آية واحدة أو عدة آيات ليجمع لك معلومات كثيرة جدا في ألفاظ قليلة .. في صورة
مبهرة وعجيبة ومثيرة للعقل بصورة قوية جدا بل ومستفزة للعقل لإثارة الفضول بالبحث والتدبر.
- وذلك مثل حال المشاهد في بعض المسلسلات أو الأفلام التي أحيانا تجمع بين حكاية في زمن ماضي مرتبطة بزمن حاضر وأحداث حالية .. ويظل
المشاهد تنتقل مرة بين هذا وذاك .. ويخفي أحداث ويظهر أحداث ليجعل عقلك منشغلا بماذا
ستكون الحقيقة في نهاية المسلسل .. وأنت تحاول بعقلك أن تجمع بين الاحداث من خلال متابعة
المسلسل أو الفيلم لتصل في النهاية للمقصود الذي يقصده المؤلف والمخرج.
6- عموما أسلوب
الإلتفات هو أسلوب مبهر .. غرضه يقظة العقل
وتنبيهه وأثارة فضوله في معرفة المقصد من الإنتقال المفاجيء لأسلوب الكلام من الغيبة
للخطاب للمتكلم أو الإنتقال من زمن لزمن بصورة مفاجئة لبعض الألفاظ أو بين الآيات
.. وهكذا.
7- ومن التفاسير التي اعتنت بهذا الأسلوب والغرض منه في موضع كل آية .. منها تفسير الزمخشري والفخر الرازي .. وتفسير الطاهر بن عاشور وتفسير محمد سيد
طنطاوي ... وغيرهم آخرين..، ومن الرسائل المفيدة والخاصة
في مسألة الإلتفات القرآني فقط هي رسالة بسيطة الحجم وغزيزة المعنى بعنوان (أسلوب الالتفات
وأقسامه في القرآن الكريم- من إعداد د/ غالب بن محمد أبو القاسم الحامضي) ..
#- ثانيا: أقوال
بعض العلماء في سبب بداية الكلام بأسلوب الغائب في أول آيات سورة عبس ؟!
#- قال الإمام الحاكم أبو سعد الجشمي رحمه الله (المتوفى: 494 هـ):
- ومتى قيل: فلماذا قال بلفظ الماضي ؟
- قلنا: صان نبيه أن يقول: عَبَسْتَ وَتَوَلَّيْتَ .. لأنه بالتوبيخ أشبه .. وهذا
بالتأديب والعتاب أشبه. (تفسير
الحاكم الجشمي ج12 ص271).
#- قال الإمام سراج الدين عمر بن عادل رحمه الله (المتوفى: 775هـ):
- أنزل الله تعالى في حقه: (عَبَسَ وتولى) ، بلفظ
الإخبار عن الغائب .. تعظيماً له، ولم يقل: عَبْسَتَ وتولَّيت. ثم أقبل عليه بمواجهة الخطاب
تأنيساً له. (اللباب في
تفسير الكتاب ج20 ص154).
#- قال الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى : 1393هـ):
- لم يشأ الله أن يفاتحه بما يتبادر منه أنه
المقصود بالكلام .. فوجهه إليه على أسلوب الغيبة .. ليكون أول ما يقرع سمعه باعثا
على أن يترقب المعني من ضمير الغائب فلا يفاجئه العتاب .. وهذا تلطف من الله
برسوله صلى الله عليه وسلم ليقع العتاب في نفسه مدرجا وذلك أهون وقعا ..
- ونظير هذا قوله: (عفا الله عنك لم أذنت لهم) التوبة:43..، قال عياض: قال عون بن عبد الله والسمرقندي:
أخبره الله بالعفو قبل أن يخبره بالذنب حتى سكن قلبه. اهـ. (تفسير التحرير والتنوير ج30 ص105-106).
#- ثالثا: من أقوال
العلماء في سبب المجيء بضمائر الغيبة ثم الإلتفات بالخطاب في أول سورة عبس.
#- قال الإمام محمد الأمين الهرري رحمه الله (المتوفى:2019 م): وقد تضمنت هذه
السورة الكريمة ضروبًا من البلاغة:
- فمنها: المجيء بضمائر الغيبة في قوله: (عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ
جَاءَهُ الْأَعْمَى (2)) حيث لم يقل: عبست وتوليت أن جاءك الأعمى ..
إجلالًا له - صلى الله عليه وسلم -، ولطفًا به .. لما في المشافهة بتاء الخطاب من
الغلظة والشدة.
- ومنها: الالتفات من الغيبة إلى الخطاب
زيادةً في العتاب .. حيث قال أولًا: (عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)) ثم قال: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ
يَزَّكَّى (3)) فالتفت تنبيهًا للرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى
العناية بشأن الأعمى.
- ومنها: تقديم التزكية في قوله: (لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) على التذكر في قوله: (أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ
الذِّكْرَى (4)) تقديمًا للتخلية على التحلية .. لأن الأول من باب
التخلية من الآثام، والثاني من باب التحلية بالطاعات. (تفسير حدائق الروح والريحان ج31 ص149).
#- وخلاصة القول في كل ما سبق:
- من المهم أن يسأل المؤمن عما يستغربه .. قبل أن يستخدم عقله بدون علم فيحكم به بصورة خاطئة .. لأنه ليس عنده العلم
الذي كان يؤهله للحكم في المسألة ..
- والله أعلم.
ردحذف﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ﴾ [النور: 35]
هو نورٌ يملأ القلب طمأنينة…
ويملأ الروح بصيرة…
نورٌ لا يُرى بالعين، بل يُبصِر به القلب.
يهديك حين تضل، ويطمئنك حين تخاف، ويكشف لك الحق مهما خفي، ويفضح الباطل ولو تجمّل.
هو النور الذي لا ينطفئ، حتى لو انطفأت كل الأضواء من حولك.
نورٌ في القلب، وفي السمع، وفي البصر… نورٌ على نور.
لهذا دعا النبي ﷺ:
“اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي سمعي نوراً، وفي بصري نوراً…”
لأنك إن سرت بنور الله، فلن يضلّك شيء.
د. عبد الكريم بكار
﴿رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ [القصص: 24]
حذفلم يكن هذا الدعاء مجرد نداءٍ عابر في لحظة ضيق، بل كان نبضَ قلبٍ امتلأ معرفةً بالله، ويقيناً بأن الفرج لا يُنتَزَع، بل يُهدى، وأن الخير لا يُنتَزع بالقوة، بل يُمنح برحمة.
قالها موسى عليه السلام وهو لا يملك مأوى، ولا زاد، ولا طريق… لكنه كان يحمل أثمن ما يمكن أن يحمله الإنسان:
قلباً خاشعاً، ولسانًا ذاكراً، وروحاً تعرف باب السماء.
هذا الدعاء ليس فقط رجاءً، بل هو شكر لما مضى، وتذلل لما هو آت؛ هو استغفار للقصور، وابتهال للرحمة.
فيه يتقدّم الحمد على الطلب، ويعلو الافتقار فوق الرجاء، ويظهر فيه التسليم الكامل لعطاء الله، كيفما شاء ومتى شاء.
إننا لا نحتاج هذا الدعاء فقط حين تضيق بنا السبل، بل نحتاجه كل يوم…
لأن الفقر إلى الله ليس ظرفاً عابراً، بل حقيقة دائمة، لا يشعر بها إلا من عرف نفسه، وعرف ربّه.
وحين تشتدّ الخطوب، لا تبحث كثيراً…
اجلس في ركنٍ هادئ من بيتك، أو في زاويةٍ ساكنة من مسجد، كما جلس موسى تحت ظل الشجرة، وارفع كفّيك بيقين، وقلها من قلبٍ منكسر:
“رَبِّ، إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ.”
فقيام الليل، وسجدة انكسار، ودمعة صادقة…
ليست لحظات عابرة، بل هي مواطن نور، تُرمّم الروح، وتغرس الطمأنينة، وتستجلب من عند الله ما لا تستجلبه الأبواب ولا الخطط.
إنه دعاء العارفين، الذين أيقنوا أن الله إذا أعطى أدهش، وإذا رحم وسِع، وإذا عفا ستر، وإذا أغنى أغنى من حيث لا يحتسب العبد.
جزاك الله كل خير استاذنا الفاضل وأمدك بمدده وفتح عليك بكل خير
ردحذف-----------
دقيقة طبطبة - أ.خالد ابوعوف
مجلس 20-3-2025
ما تزعلش من أي كلام ممكن تسمعه ..
هتلاقي حاجات كتير ممكن تلاقيها بتضايقك ..
هتعدي عليك أحداث في الحياة ممكن تزعل .. ممكن تعيط .. ممكن تتضايق ..
لكن .. الشيء الأكيد إن مفيش حاجة بتدوم على حالها ..
لا الليل بيفضل ليل ولا النهار بيفضل نهار .. كلّه بيتغير ..
كلّه بيتغير .. ودي من أحد حِكم الله في الكون .. وهي إن مفيش حاجة بتدوم .. لا النهار بيدوم .. ولا الليل بيدوم ..
ولا الليل بيبقى ليل لو بصينا فيه ؛ أحيانًا بنلاقي فيه نور موجود للي عايز يشوف إن فيه نور ..
وأحيانًا برضه النهار بالرغم إن هو نهار بس بتبقى فيه لحظات ليل بتمر علينا برضه اللي يحب يشوف ..
الخلاصة .. مفيش حاجة بتدوم على حالها.
اللهم ارزقنا لذة الطاعة وحضور القلب ، وأدب الحوار ظاهرا وباطنا
ردحذفحتى نكون أهلا للانتقال من الغائب إلى المتكلم ،
فنشعر بلذة الحضور بين يدي الله في كل وقت
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
تعليق جميل ومفيد .. أحسنت النشر
حذفاللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
{سأل رجل مهموم رجل حكيم}
ردحذففقال: لقد أتـيـتك وما لي حيلة مما أنا فيه من الهم؟
فقال له الحكيم :
سأسألك سؤالين وأُريد إجابتهما
فقال الرجل: اسأل.
فقال الرجل الحكيم: أجئت إلى هذه الدنيا ومعك تلك المشاكل؟
قال:لا.
فقال الرجل الحكيم :
هل ستترك الدنيا وتأخذ معك المشاكل؟
قال : لا
فقال الرجل الحكيم :
أمرٌ لم تأتِ به،
ولن يذهب معك ..
الأجدر ألا يأخذ منك كل هذا الهم فكن صبوراً على أمر الدنيا ،
وليكن نظرك إلى السماء أطول من نظرك إلى الأرض يكن لك ما أردت ،
إبتسم ...
فرزقك مقسوم..
وقدرك محسوم..
وأحوال الدنيا لا تستحق الهموم..
لأنها بين يدي الحي القيوم.
{يقول الرجل الحكيم} :
{يَحيا المؤمن بيَن أمرين يُسر وَ عُسر }
{وَكلاھما " نِعمة " لو أيقَن} !
…
ففِي اليسر : يكون الشكر
{ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ }
وَ في العسر : يكون الصَبر !
{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }؟
❤️❤️
••
ردحذفلا تحسب أن كلمة "الحمد لله" حين تقولها في دوّامة الهم والأتعاب بقلبٍ ملؤه الرّضا هيّنة عند الله ..
تمضي غمامة البلاء بما فيها من أتعاب وتبقى تفاصيل صبرك ورضاك محفوظة في موازينك إلى يوم أن تلقى الله.🤍
فكن مع الله في كل حال فما ضاقت إلا ما فرجت.
🌷🌷🌷🌷
☀️☀️☀️☀️☀️☀️☀️☀️
ردحذف*🌀معظم مشاكلنا مع من حولنا تقع بسببين :*
١- مقصود لم يُفهم
٢- مفهوم لم يُقصد
*والحل بخطوتين :*
١- استفسر عن قصده
٢- وأحسن الظن به
*وقد ذكر الله عز وجل هذا الحل في سورة الحجرات :*
*"فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين "*
{ يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً منَ الظن إنَّ بعض الظنِ إثم } .
والمعنى والخلاصة من ذلك :
- إذا خانني التعبير .. فلا يخونك التفسير .
فعنوان الدنيا :
♦️" كُلُ مَنْ عليها فان "♦️
🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃
من جميل ما قرأت .. للأستاذ خالد ابو عوف
ردحذفمصطلح (الفناء)
1.. الفناء .. هو أن يغيب قلبك بصدق توجه إلى الله .. نتيجة غلبة الذكر على القلب .. أو نتيجة غلبة انشغال القلب بالله تفكرا في جماله وجلاله أو الدعاء إليه مخلصا في صدق التوجه إلىه ..
##فتغلب روحيتك على ماديتك .. فيحدث لك جذبة قلبية شديدة تشعر بها وكأنك جالس بين يدي الله ليؤنسك به وأنت تناجيه..
2.. فتستطيع القول أن : الفناء هو ثمرة خشوع القلب بين يدي الله .. لأن الفناء بدايته هي حضور القلب بين يدي مولاه ((غير ملتفتا لغيره)) .. وهذه البداية هي (الخشوع) ..
3.. بعبارة ابسط .. الفناء هو ثمرة انشغال القلب بالله حتى لا يعد الإنسان يدرك ما حوله من الموجودات .. أي يغيب عنها بالله ..!!
ملخص هذا الجزء
1.. آيات العتاب ليس بالضرورة تكون مصحوبة بلفظ (النبي) ..
2.. لا عتاب بكونه رسول .. لأن النبي لا يخطئ من حيث كونه رسوله معصوم بالوحي ..؟!!
3.. ولماذا يعاتبه بوصفه نبي .. إذا كان أشار إلى أن النبي لم يوفق في اجتهاده .. حينما خاطبه فقال له : (وما يدريك لعله يزكى) .. ##فعلمنا أن عتابه للنبي من حيث كونه نبي اجتهد بقدراته البشرية ففعل خلاف الأصوب .. ولم ينطق عن الوحي .. وإلا ما كان له عتاب أصلا ..!!
4.. اسلوب الالتفات من الغائب إلي المتكلم .. ما هو إلا صورة مبهرة وعجيبة ومثيرة ومستفزة للعقل لإثارة الفصول ((بالبحث والتدبير))
5.. خلاصة القول .. من المهم أن يسأل المؤمن عما يستغربه .. قبل أن يستخدم عقله بدون علم فيحكم به بصورة خاطئة .. لأنه ليس عنده العلم الذي كان يؤهله للحكم في المسألة ..
والله ولي التوفيق
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
اللهم صل على سيدنا محمد ذو الخلق العظيم
ردحذفجزاك الله خيرا استاذنا الفاضل
آمين يارب العالمين